تنتهي قصص الحب بزواج العاشقين بطريقة مشوقة ورومانسية، ويختمها المؤلف بالنهاية المثالية السعيدة: “وعاشا في تبات ونبات وأنجبا صبيان وبنات”، ونصدقهم نحن! ثم يتضح (من القصص التي لا تعد قصص حب) ما حدث من بعد للعاشقين المتيمين، وتظهر الحقيقة، ويتبين أن الحبيبين تخمد مشاعرهما بعد الزواج، ويزول التأجج الذي كان.
هذا الواقع، ولا يوجد زوجان يبقيان كما كانا أيام الخطبة: أعرف شاباً ما استطاع الصبر على فراق خطيبته فترك كل شيء (عمله ودراسته)، وسافر إليها وأقام في بيت أهلها أشهراً ليراها كل لحظة! ولم يفارقها حتى تم العرس وعاد بها إلى بلده، عندئذ صار يتركها في البيت وحدها طول اليوم ويذهب إلى أشغاله، ولا يشاركها الطعام ولا السهرة، ويأتيها آخر الليل منهكاً فلا يتمكن من مسامرتها ولا يعرف كيف قضت يومها… وكأن الرجل يطمئن حين يتأكد من وجود حبيبة تنتظره وتقوم على شؤونه، فينصرف إلى عمله راضياً ولا يبالي بوحدتها وأحزانها.
أما الفتاة فتكون متلهفة لوجود حبيب إلى جانبها يشاركها كل نشاط، وتريده كل الوقت وتشعر بالفراغ والأسى حين يغادر البيت، على أنها سرعان ما تنسى الرومانسية حين ترزق بطفل وتطغى الأمومة على كل شيء في حياتها، وتنصرف عن الاهتمام بزوجها وتصبح الأولوية لذلك الوليد، وهكذا أكثر من عرفت من النساء.
ستقولين: “وما أدراك بما يكون بين الزوجين، فعلاقتهما مبنية على الستر؟”، وأجيب: “هذا صحيح، لكن العاطفة تظهر بجلاء من خلال نظرة أو كلمة أو لمسة، كما أن النساء يتطوعن ويتكلمن عن سلوك أزواجهن وطباعهم، ويشتكين من انصرافهم عنهن”. راقبي علاقة أمك وأبيك وخالاتك وقريناتك مع أزواجهم، واسمعي حديث الجارات والقريبات، وسترين كيف هي العلاقات.
ويؤثر اختلاف الطباع سلباً على المبادرة الحلوة، وتساهم الواجبات والمسؤوليات في تجميد المشاعر وتأجيل التعبير عنها، وتلعب الظروف المعنوية والمادية السيئة دوراً أساسياً في غياب الرومانسية، وتؤدي المعاناة والقلق إلى فتور الأحاسيس، والحب كالإيمان يزيد وينقص.
وهذا ما أردت الوصول إليه: “لا مناص من برود العواطف مهما أحب الزوجان بعضهما بعضاً”، فليكن إذن اختيار الزوج قائماً على الأسس الثابتة، لا على الحب والإعجاب فقط. ولتوطن كل فتاة نفسها على أن الحياة الزوجية –مهما كانت سعيدة- تسير بهذه الطريقة الواقعية.