هل يمكن أن يخلو أحد من خصلةٍ حميدة أو صفةٍ خيّرة؟ ابحثوا عن مثل هذه الخصال والصفات لدى أبنائكم وأثنوا عليها في كل وقت وبكل مناسبة يكن في مثل هذا العمل أعظم دافع لهم على الاستزادة منها والمداومة عليها.
“علم النفس” من العلوم التي اهتم بها جدي فقرأ فيه كثيراً دارساً أحوال النفس البشرية، مطّلعاً على ما يعتري الإنسان من مشاعر وتغيرات تبعاً للأحوال التي يعيشها والظروف التي يمر بها. وبحكم عمله قاضياً ثم مدرساً صُقلت لديه هذه المعرفة النظرية وتحولت إلى موهبة حقيقة، حيث صار يتميز بقدرته الدقيقة والسريعة على تحليل الشخصيات بعد دقائق قليلة من اللقاء الأول، وبالتالي القدرة على التعامل معها. (وهذه هي الخطوة الأولى: على المربين أن يبذلوا الجهد في القراءة والاطلاع).
على الرغم من هذه الفراسة التي اكتسبها جدي كان يراقبنا دائماً ليتأكد من انطباعاته عن كل واحد منا: كيف نقضي وقتنا؟ ما هي هواياتنا؟ وكيف نستفيد من قدراتنا؟ كيف نتعامل مع الآخرين صغاراً وكباراً؟ ما هي النواحي الإيجابية في سلوكنا وما هي النواحي السلبية؟ (وهذه هي الخطوة الثانية: راقبوا أولادكم دائماً لتعرفوهم جيداً).
ثم يبدأ مع كل حفيد بالثناء والمدح الصادق فيختار الأعمال الجيدة التي نقوم بها فعلاً والتي تستحق الإطراء فيثني علينا لقيامنا بها ويشكرنا لأجلها. كما كان يركز على النواحي الإيجابية في شخصية كل حفيد منّا مثنياً عليه أمام الجميع ثناء علنياً، مقدماً له الهدايا البسيطة التشجيعية بين وقت وآخر. (وهذه هي الخطوة الثالثة: التركيز على النواحي الجيدة والثناء عليها).
هذه الطريقة بالمعاملة منحتنا الثقة بالنفس، ورفعت معنوياتنا، وأشعرتنا بأن الناس أيضا يرون العمل الصالح ويقدرونه ويشكرون عليه فيجب علينا -لذلك- مراقبة سلوكنا حتى يكون مناسباً. كما أن طريقة جدي هذه قد بَنَتْ بيننا وبينه المحبة مع الثقة عندما لمسنا اهتمامه الخاص بنا، فسهّلت له عملية تربيتنا وتوجيهنا ومهمة نصحنا وإرشادنا، وجعلتنا نتقبل منه النقد كما كنا نتقبل منه المديح، فكان إذا نبهنا إلى سلبية حاولنا التخلص منها فوراً سعياً نحو الأفضل وحرصاً على ثواب الله ثم رضا جدي وثنائه علينا أمام الجميع .
* * *
جزاك الله خيرا
وإياك