إن من أسباب الخلاف بين الأزواج أربع أشياء رئيسية:
1- اختلاف الذكور عن الإناث خلق الله كلاً من الذكور والإناث بصفات فيزيولوجية مميزة، فهما مختلفان من أجل هذا فرق بين الجنسين في بعض الحقوق وبعض الواجبات.
2- اختلاف الجينات والطباع الأصلية إذ يولد كل إنسان بطباع وصفات خارجة عن اختياره، خلقه الله عليها وأثبتها في جيناته الوراثية فلا ينفك عنها، فيكون لكل فرد طبع ومزاج وشخصية خاصة ومختلفة عمن سواه.
3 – اختلاف التربية والنشأة وكل بيئة تورث أفرادها أفكاراً وقيماً وتصورات ومعتقدات… وحين يشب كل من الذكر والأنثى يعتنق العادات والتقاليد المتفشية في بلده وحارته ومحيطه ويتشبث بها، فيكون لكل من الزوجين عرف نشأ عليه واقتنع به.
4- اختلاف التربية من بيت لبيت فلكل أسلوبه في التوجيه، فتحمل الفتاة من بيت أهلها قيماً ومبادئ وأخلاق تربت عليها (منها الصحيح ومنها الخاطئ)، أما الشاب فيتعلم شيئاً قليلاً من بيته، ثم يُترك هملاً لتعلمه الحياة ما تشاء من دروس! وهكذا درج الناس في تربية الذكور! فيتعلم شيئاً من والديه وشيئاً من أساتذته وشيئاً من أصدقائه فينشأ بشخصية جديدة قد تخالف شخصية والديه، ويحمل قيماً وأفكاراً غريبة قد لا يوافق المجتمع عليها.
وهذه الأشياء الأربعة تؤثر في الذكر والأنثى وتجعله هو على طريقة في الحياة وهي على طريقة أخرى، حتى إذا تزوجا واجتمعا في بيت واحد أدت هذه الاختلافات إلى الخلافات، ووقع الشقاق بينهما. فتحب الزوجة شيئاً والزوج يمقته ولا يستسيغه، وترغب الزوجة في أمر والزوج يخالفه ويميل إلى غيره، وتحاول الزوجة إقناع زوجها برغاباتها فلا يقتنع، ويحاول الزوج ثني زوجته عن أحلامها فلا تلين، وتنتهي الأمور بالمشكلات:
فتكون الفتاة مثلاً هادئة رزينة قليلة الكلام، والشاب يمتلئ بالنشاط والحيوية ويحب القيل والقال. أو تحب الفتاة الحياة الاجتماعية الصاخبة والخروج لزيارة صديقاتها وللتسوق، ويحب الزوج الحياة الهادئة البعيدة عن الناس ويفضل المكوث مع زوجته في البيت وممارسة هواياته. وقد تحب الزوجة تزيين البيت فتملؤه باللوحات والتحف والزرع، والزوج يحب البيت العملي الخالي من المتاع الزائد… وهذه الخلافات جاءت بسبب الطبع الأصلي الذي خلق الله عليه كل من الزوجين فيصعب تغييرها وقد لا تتغير أبداً.
وتوجد أنواع أخرى من المشكلات التي تتبع العادة والعرف والنشأة، مثلاً ترغب الزوجة بأن تزور أهلها ثلاث مرات في الأسبوع ويرى الزوج أن زيارتها لهم مرة واحدة في الأسبوع كافية جداً، أو ترغب هي في تسجيل ابنتها في المدرسة القريبة من البيت لتطمئن عليها ويرغب هو بالمدرسة البعيدة لأن ابنة أخيه مسجلة فيها، وترغب هي بتجديد غرفة النوم وهو لا يرى مبرراً لهذا الإسراف… وهذه أمثلة وغيرها كثير. فما الحل؟
سيقول الناس: “الأمر طبعاً للزوج لأن عليها طاعته”. فتسأل الزوجة: “إذن لماذا كان للزوجة حق المشاورة؟ ولماذا كانت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم تراجعنه وتهجره إحداهن إلى الليل؟ ولماذا قال الله تعالى في كتابه: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} إذا كانت الطاعة للزوج على الإطلاق؟”.
إن الله قد جعل الطاعة للزوج ولكن بالمعروف. وجعل للزوجة “مثل ما عليها”. ولو فندنا الآيات والأحاديث لوجدنا فيها الحل:
1- أن يتبع الزوج السنة فيشاور زوجته في أمورهما ولا سيما فيما يخص البيت والأولاد، ويأخذ رأيها بعين الاعتبار، ويفكر في الحلول التي طرحتها بجدية، ولا ضير أن يأخذ بما قالته.
2- وأن تتبع الزوجة أمهات المؤمنين فتراجع زوجها فيما يؤذيها ويزعجها (فليس هو بأفضل من سيدنا محمد ولا أعلى درجة حتى يستنكر عليها مراجعته)، وعليه أن ينصت لها، ويسري عنها.
3- أن يحتكما فيما اختلفا فيه إلى الكتاب والسنة، أو إلى العرف المعتبر شرعاً، ويأخذا بما يجدانه فيها من حل لمشكلتهما.
فإن لم يوجد في الشريعة ولا في العرف (المقبول شرعاً) حل، وكان الأمر “المختلف عليه” من أمور الدنيا رجعا فيه إلى المصلحة وإلى الأصول الشرعية العامة، وذلك بأن يعملا عليه دراسة سريعة فيحصيا سيئاته ويتتبعا حسناته، ليتبين لهما الحق فيعملانه.
فإن اتفقا على حل واحد انتهت المشكلة وزال الخلاف.
وإن اختلفا من جديد فالأمر لمن فيهما؟ الآية تدل على أن للزوجة مثل ما عليها وبهذا قال الفقهاء، ويفهم منها أنه ينبغي على كل زوج أن يعامل زوجته كما يعامل نفسه؛ فإن كان الخلاف على عدد مرات زيارة زوجته لأهلها، وكان ذلك الزوج يزور أهله كل أسبوع كان عليه أن يسمح لها بأن تزور أهلها كل أسبوع، وإن كان يجبر زوجته على زيارة أهله أكثر من مرة في الأسبوع كان من حقها عليه أن يرسلها لتزور أهلها ضعف ما تزور أهله (فإن حق أمها وأبيها عليها أكبر من حق أهل زوجها)، وعليه وفاء لها أن يخضع ويتقبل أن تزور أهلها كما تزور هي أهله وتبرهم. وإن كان الخلاف على تبديل أثاث المنزل وكان الزوج مسرفاً يبدل أثاث مكتبه ويشتري المتاع وهو غير محتاج إليه فعلاً فإن عليه أن يستجيب إلى زوجته ويسعدها بممارسة هواياتها.
هكذا يكون الحل! وبهذا نخرج من الخلاف:
1- يُعامل الرجل زوجته بالعدل بينها وبينها مع أخذ الفروقات بعين الاعتبار، والتي تكون أحياناً لصالح الزوجة.
2- ويُعاملها كما يُعامَلُ أقرانها ومن في مستواها الاجتماعي وثقافتها البيئية.
(نشرتها مجلة المتميزة ربما 2012- ورابطة أدباء الشام…)
رررراااااائع
ررررائع